ومر عام..و ما بقي..
سوي الذكريات..
جروح.. ابت أن تشفى..
أو ربما.. لا يجب ان تشفى..
ذكريات.. حفرت مكانها بين صخور القلب..
ذكريات.. فتحت جرحا.. لم يقف نزفه..
وقتها.. شيخ كان او رضيعا..
عرف معنى الحرب..
معنى الألم..
قسوة الفقدان..
حكم على البرئ.. و على المذنب..
حرا كان.. ام سجينا..
حكمه كان الموت..
بدون مقدمات.. او انذارات..
مر عام..
و لكنها في مخيلتي ..كأنها اليوم..
كانت الساعة الحادي عشرة و خمس و ثلاثون دقيقة..
كنت وقتها.. قد سلمت ورقة اختباري النهائي للمدرسة..
واقفة على عتبة باب الصف..
لا ادري ماذا دفعني لانظر للخلف..لأتأمل صفي..
الذي فيه شاركت غيري الاف الضحكات.. الدموع .. القصص..
والكثير من اروع الذكريات..
ربما.. هو احساس بداخلي..
أنبأني.. بانني لن اعود ثانية..
لاقف على عتبة هذا الصف..
كنت اتمازح كلاما مع مدرستي..
كانت لي اكثر من صديقة..
حين و فجأة..دوى صوت..
خرق هدوء السماء..
ثوان هي..حتى تحول السكون..الي اسوأ عزف موسيقي..
ثواني هي.. حتى بات صفاء السماء..لوحة من اسوأ لوحات التاريخ..
هي ثوان ايضا..افقدتنا.. من صباحا حييناه..تبسمنا املا له..
و مع مجئ المساء.. بكينا.. في ذكراه..
لأول مرة .. اشعر بالعجر..
كانت مجرد ثوان..و لكنها.. كلفت كثيرا..
وقتها.. بتنا في معزل عن العالم..
فالكهرباء.. اعلنت انقطاعها..
ام الهواتف النقالة.. فمع اول صاروح..
توقفت..املنا الوحيد.. كان هاتف غرفة المديرة..
اذكر انني و لاول مرة..اصاب بانهيار عصبي..
كنت ابكي.. و اتمتم بكلمات ..
و لكنني.. لا استطيع حتى الان تذكرها..
اذكر انني كلمت والدتي..و لكنني ..
بعدها..انهرت تماما باكية..
مستندة على جادر بقى لي فارغا..
الكل كان يبكي..الكل يصرخ..
فلقد بدأت اخبار تتوالى..
كنا حتى نجهل.. ان كنا سنخرج من ساحة المدرسة..
ام فيها سنودع الخليقة سوية..
بعدها..بدأت الصدمة تقل..
فقد اعتدنا على صوت الصاروخ..
على خبر الشهداء..
ربما..لست بمنصب ان اروي قصة حرب..
لم اعشها كاملة..
و لكنني .. ربما..
استطيع بقليل من كلماتي..
ان ارسم.. حرج .. قليل من شعبي..
شاءت الاقدار.. و فتح لي طريق النجاة..
و لكنني تركت خلفي..
حياة احدى عشر عاما..
كل يوم..اذكر مشهد الشهيد امامي..
حتى في خروجي من الحرب..
كنا نعاني..فقد قتلوا امامنا شخصا..
فقط عبثا.. او ربما تخويفا..
كانت ايام..ومرت..
اليوم.. ربما نتف على اطلالها..
و نفكر..هل حقيقة انها كانت..
ام هومجرد كابوس..
و لكن.. ذلك الجرح الذي حظ طريقه..
الذي عجر الحاضر ان يمحيه..
يؤكد انه كان..
و انها ذكرى.. لم تمحى من ذاكرة حتى من كان رضيعا حينها..
و ربما..من ذاكرة.. العالم..